الأربعاء، 27 أغسطس 2008

قبسات من لسان بني همبكة

أشرت في مقال سابق إلى الطبعة الأولى التي صدرت حديثا من معجم ( لسان همبكستان) ونقلت شذرات منه للقراء الأعزاء ، ونظرا لعدم توفر ذلك المعجم في المكتبات العربية لأن مجمع البحوث أصدر قرارا بمصادرته ، فقد تلقيت عددا كبيرا من الرسائل الأليكترونية على بريدي تطلب الكشف في ذلك المعجم عن كلمات بعينها ، وسأخصص ثلاثة مقالات متتالية – فقط – للكشف لقرائي الأعزاء مجانا ، وبعدها سيكون الكشف في ذلك المعجم بالواسطة أو بدفع إتاوات ورشاوى للعاملين في المؤسسة العامة للكشف في المعجم التي تم إشهارها مؤخرا وهي تابعة للمجلس الأعلى للدامعات [ وهو غير المجلس الأعلى للجامعات ] فهو يضم كل ضحايا المجلس المشابه ممن يبكين على مستقبل أولادهن وممن يبكين أبناءهن المنتحرين .وهذه أولى حلقات الكشف المجاني عما وصل على البريد من استفسارات :1- تمغة : ليس للثلاثي ( تمغ ) أصل في لسان العرب ، ولكن في لسان همبكستان توجد كلمة بهذا البناء اللغوي ، تضاف لها تاء تأنيث ، لأن تأنيث كل شيئ هو أساس الحكم هناك ، حتى إنهم من كراهية " التذكير " والمذكر والذكورة ، اتخذوا وزراء غاية في النعومة والرقة ولهم على الشاشات طرق أنثوية غريبة في التعبير عن أفكارهم وطروحاتهم فهم يطوحون رؤوسهم ذات اليمين وذات الشمال تقليدا لمنى ، ويمررون أكفهم الرقيقة على وجناتهم من حين إلى حين أو على رؤوسهم تقليدا للميس ، وبلغ من ولعهم بتأنيث كل البلاد والعباد أن تركوا استعمال لفظ ( الشعب ) لأنه مذكر ، ويستخدمون بدلا منه لفظ ( الجماهير ) لإلفهم كلَّ ما هو مؤنث . والتمغة ختم تختم به الدوائر الحكومية في همبكستان معاملاتها ، أو طوابع تلصق على أوراقها الرسمية تؤول أثمانها إلى بيت المال لتُنفق – فيما بعد – على علاج الراقصات والراقصين خارج البلاد إذا أصيبوا بالزكام . قال ابن خلكان : " وأظن أهل همبكستان لجأوا إلى جعل ( التمغ ) بالتاء فرارا من جعلها بالدال ( دمغ – دمغة ) لأن دمغ في لسان العرب تدل على القهر كما قال صاحب المحيط في اللغة - (ج 1 / ص 404) الدَّمْغ: كَسْرُ هو :القَهْرُ. والأخْذُ من فَوْقٍ . وفي الصحاح (ج 1 / ص 213) : دَمَغَهُ دَمْغاً: شَجَّهُ حتَّى بلغت الشجّةُ الدِماغَ . وهو نفس تأثير التمغة على المواطن ففيها معنى القهر والأخذ من فوق وشج الرأس . قال ابن الفارض حين قدم طلبا للحصول على شقة في برنامج إسكان الشباب :
دفعنا لتسيير الأمور غرامَةً
سكِرْنَا بها من قبل أن يُخلق الكَرْمُ
لها (الدمغُ ) إسمٌ وهيَ ختم ٌ يُدِيرُهَ
هلالٌ ودرويشٌ وبطرسُ والبُكمُ
على نفسه فليَبْكِ مَن ضاع عُمْرُهُ
وليسَ لهُ فيها نَصيبٌ ولا سهمُ
والأدمغة جمع دماغ ، وهو رأس الرجل إذا كان عضوا في لجان التطوير إياها ، ويقول المراهقون في تلك البلاد : " فلان عامل دماغ " ويعنون بهذا أنه ينأى بنفسه عن الهزل العام السائد .2- روشنة :الروشن : عَلَى وَزْنِ كَوْثَرَ هُوَ مَا يَخْرُجُ مِنْ الْجِدَارِ مِنْ الْجُذُوعِ يُوَسَّعُ بِهِ الْمَنْزِلُ أَوْ يُجْعَلُ مَمَرًّا يُمَرُّ عَلَيْهِ وَأَصْلُهُ فَارِسِيٌّ . أما الروشنة فهي من لغة المراهقين يعنون بها الخروج على المألوف ، قال ابن بقة : والروشنة في لغة طسم وجديس هي الإفراط في تطوير الجامعات وتنمية القدرات وتسريع المشروعات ، وقال ابن بطوطة في رحلته الشهيرة : رأيت في الديار المصرية قوما يطورون جامعاتهم بنظام الروشنة ، فيقف أحدهم متلويا محنيا كالهلال وقد علت وجهه صُفرة الجوع والنهم إلى مشروع ، فيتلو على الأساتذة كلاما غامضا كالذي يتلى عند استحضار الجان وفتح البخت وصرف العفاريت ، وزعم الجبرتي أنه رأى دكتورا في بلاد النيل قضى نصف قرن في درجة مدرس ، وقد تكأكأ عليه عشرون بروفيسيرا يُنمُّون قدراته ليل نهار !! ، وهو مستسلم لهم ، تنظر في عينيه فتظنه بقية من قوم ثمود وأصحاب الأيكة ، ويرتدي بدلته الصيفية الوحيدة التي لا لون لها ، وإن زعم بعض المعمّرين أنه رآها وهي خضراء يوم حلف عبد الناصر أن يبني السد ، ثم رآها بنّية اللون يوم اتخذ السادات العلم والإيمان شعارا لعصره ، وقال بعضهم : رأيت صاحبنا يرتديها ليلة التعديل الدستوري وكان لونها : بمبي !! وبرغم ما أنفقته دول الاتحاد الأوروبي – ضمن مشروعاتها الكريمة – على تنمية قدرات هذا الثمودي العتيد والذي تجاوز تسعين ساعة معتمدة قبضها الأساتذة العشرون فإن عائد تنمية قدرات المدرس إياه لم تنمُ ولم تتطور ، وكل التغيير الذي تحقق عنده أن بنطلونه الذي كان به رقعتان فقط صار يضم خمس رقاع ، حوّلتها عمليات الصبغ المتوالية على مدى أربعين سنة إلى ما يشبه خطة الإصلاح الاقتصادي ، وفيه يقول ابن نباتة :
تطويرنا ... ما أحسنَهْ
على نظام الروشنة
نقلِّب ( العضوَ ) على
جنبيه ..حتى يتقنه !!
تنمية القدرات فيها
لذَّةٌ... و جدعنة..!!
ومن يذقْها يعترفْ
بأنها .. مقننة ..!! 3
- بكش : في القاموس المحيط (ج 2 / ص 127) : بَكَشَ عِقَالَ بَعِيرِهِ حَلَّه. ، فأصل البَكَش هو حل العقال ، أما في العامية الهمبكستانية فإن الكلمة تعني الاحتيال ، وادعاء تحسين أوضاع الموظفين ، والإعلان عن وظائف وهمية لا وجود لها إلا في البرامج الانتخابية ،وزعم الجوهري أنه سمع أعرابيا كان يعمل خبيرا في برامج تحسين التعليم ، والتعلم النشط ، والمدارس صديقة الفتيات ، والمدارس صديقة البيئة ، يقول وهو ممسك بالشيشة على مقهى [ المعايير القومية ] : " لا يستحق أن يعيش من لا يعرف التبكيش " ، وأحب البَكَش إلى قلب الحكومة ما كان لها فيه نصيب مثل زيرو تسعمية والمسابقات الهاتفية التي سادت البلاد المحمية في أزهى عصور المهلبية زمن الدولة المملوكية . ويقال ذهب المتنبي مرة إلى الجمارك ليفرج عن زلمكة استوردها من غينيا بيساو فقال له المأمور الجمركي كلاما خدش حياءه عن رشوة تدخل بها السيارة على أنها لرجل معوّق ثم يرخصها المتنبي باسمه فقال :
كم في الجمارك قد رأيت وحوشا
نهبوا الجيوب ونفضوا الطربوشا
مسحوا البلاط بأمة مقهورة
وبأمر بطرس أكثروا التفتيشا
لكنهم - عند الضرورة – غايةٌ
في اللطف ، حين تشخلل البقشيشا
فعلمت أن جماركي مخرومةٌ
وبأن تفتيشي غدا تبكيشا ..!!