الأربعاء، 27 أغسطس 2008

إرشاد اللبيب إلى فنون التسريب


حدثنا أبو دجاجة بن ديك بن فروجة الرومي عن أبي البصل بن صلصة بن قوطة المعروف بالذبيح قال : زرت أصبهان عام ست وستمائة لآخذ العلم عن مشاهير علمائها وأتلقى الإجازات عن جِلَّة من كبار مشيختها ، فلقيت هناك أبا الفرج البيلاوي المعروف بظرفه ولطفه ، وأقمنا مع عدد من طلاب العلم في خان نظيف يقال له (هوليداي إن ) قريب من مساكن الجن ، في واد من وديان أصبهان البديعة ، لم يجدوا له اسما فلقبوه بـ " شرق التفريعة " .!!وطاب لنا هناك المقام ، نتلقى النحو والصرف واللغة والعروض وجه النهار على شيوخنا فإذا جننا الليل طابت أوقاتنا بالسهر، وأذهبنا عن أنفسنا العناء بالضحك والسمر، وذات ليلة طلبنا من أبي الفرج أن يقص علينا من غرائب تلك البلدان ، ما تطرب له النفوس فتنسى الغربة والأحزان ، فقال :" جرت كائنة من الغرائب في عهد مولانا الوزير الصالح جمل الدين بن هلال الدين بن شهاب الدين بن بهاء الدين المراجيحي الملقب بالعادل ، فقد كان الطلاب يؤدون امتحانات الثانوية العامة في بلاد سيحان وجيحان ، فجاءهم في التفاضل سؤالان وجيهان ، فعجز عن حلهما الأحمران والأخضران والأبيضان والأسودان ، والقائمان والنائمان ، ولم يبق في عموم القطر من له ابن يمتحن إلا وفقد بصره وطلق امرأته وأدمن الأفيون ، أو دخل السجون ، وواضعو تلك الامتحانات في تلك البلاد ، يبغضهم العباد ، فهم قوم غلاظ شداد فى غلظ الجاموس ، قصيرة قوائمهم ، لهم أخفاف ثقال ، وهم فى ألوان الخيل ولكل منهم أنف كأنف أبي ذؤابة، وأذنان صغيرتان كأذني الخيل ولبعضهم ذيل مثل ذيل الجاموس ولبعضهم صهيل كالخيل ، ولبعضهم شحيج كالبغال ، ولبعضهم أنياب كأنياب السباع ولبعضهم حافر مشقوق كحافر البقر وإذا ظفر واحد منهم بتلميذ أو بولي أمر تلميذ في مكان آمن ، فإنه يأكله ، وإذا ظهر أولئك الممتحِنون ( بكسر الحاء ) للناس في وضح النهار، يحصل منهم الضررالشامل لأهل النواحي ، فهم يرعون الزروع فإذا حصل منهم ضرر، ولازموا تلك الجهات يطرح لهم أهل القرى شيئا من الترمس في الموضع الذي يظهرون منه فيأكله أحدهم ويعود الى بيته فاذا شرب ماء ، ربا ذلك الترمس فى جوفه فينتفخ فيموت .ولهؤلاء الممتحنين صنم نظيف لطيف يعبدونه يسمونه ( الوزير الأول ) ويعرف بأبي الهول لا يظهر منه سوى رأسه ، وبقيته مدفونة فى زكيبة من زكائب الفرنجة يقال لها البدلة عند أهل مصر والشام ، ويقال طوله سبعون ذراعا وفى وجهه دهان يلمع له رونق كأنه يضحك تبسما ،ومخه من الصوان المانع ويقولون إنه طلسم بمنع الماء عن بر مصر.ومن العجائب في عهده أن قرية من أعمال المنيا وهي شرقي النيل ولها سور وأبواب وهي قرية خراب وعلى أحد أبوابها جميزة كبيرة فإذا كانت أيام الامتحانات يرون في كل يوم قبل طلوع الشمس أناسا غير جنس بني آدم يدخلون تلك القرية ويخرجون منها ، فإذا دخل الناس تلك القرية لم يروا فيها أحدا من الذين كانوا يدخلون إليها ويخرجون منها ...!!وهذه الواقعة مشهورة عند أهل تلك الناحية. ومن العجائب أن ببلاد المنيا وكفر الشيخ وقنا وغيرها ضيعة يقال عنها ( شفافية ) بها عمود من نحاس اصفر وعليه صفة طائر من نحاس فإذا كانت ليلة اليوم الأول لامتحان الثانوية العامة نشر ذلك الطائر جناحيه ومد منقاره فيفيض منه ماء يعم تلك القرية ويسقي زروعهم وبساتينهم ويملأ صهاريجهم وذلك يكفيهم من العام إلى العام وهذا دأب ذلك الطائر في كل سنة .ومن أعجب العجائب أن حكيما من الحكماء في بعض مدائن المنيا صنع حوضا من رخام أبيض وعليه كتابة بالقلم القديم فيجتمع أهل تلك المدينة ويأتي كل منهم بسؤال من أسئلة الامتحان فيضعه في ذلك الحوض فتختلط الأسئلة كلها بعضها ببعض حتى تصير شيئا واحدا ثم يقف الساقي على ذلك الحوض ويسقى فلا يطلع لكل واحد في قدحه الا ورقة مجابة مدققة مراجَعة مصورة في أحسن صورة .قلت لصاحبي : فما الذي يضير الإعلام المريض في بلادكم من تفريج الكرب عن الممتحَنين – بفتح الحاء – من الصغار الأبرياء من الطلاب؟ أوليس الامتحان من المحنة ، والمحنة شدة ، والشدة كرب ،والمعروف لنا أن من فرّج عن مؤمن كربة من كربات الدنيا نال أجرا عظيما ؟قال صاحبي : تسريب الامتحانات على هذا النحو يجعل من العملية التربوية كلها لهوا ولعبا ويخل بهيبة وهيبة ..!!قلت لصاحبي : أوليست الحياة الدنيا كلها – بنصوص الشرع الحنيف – لهوا ولعبا ؟أو ليس التعاون على تجاوز محنة الامتحان بابا عظيما من أبواب التاون على البر والتكافل وسد حاجة المحتاج وإغائة الملهوف وإعانة المضطر ، وكلها – كما ترى – من [المروءات ] التي يمارسها الكبار في الانتخابات العامة ، والصفقات الكبرى ، ويفعلها بعض سفهاء أساتذة الجامعات مع أبنائهم ، أفلا تدركنا الرجولة والحزم والانضباط إلا مع أولئك العصافير الصغار من طلاب الثانوية الأبرياء ؟ أهنا فقط يحرم التسامح ويحل الحل كله يوم الانتخابات والاستفساءات ؟قال : بلى ، ولكن هذا امتحان ينبغي أن تشد له الشدائد من عزائم الرجال .قلت له مازحا : أي رجال ؟ أهؤلاء الذين صمتوا حين أسرت ( ج ي ب و ت ي !!! ) مائة صياد من أهلهم لمدة عام كامل واستولت على مراكبهم فلم تنبس خارجيتهم بحرف واحد ؟ أم هم أولئك الذين دمرت صواريخ جيرانهم أربع عشرة باخرة صيد واحتجزت ستا وخمسين وأسرت من عليها من الصيادين خلال عامين فلم تعلم خارجيتهم أو علمت ولم تبلغ كما كان يقال !!؟ أم هم أولئك الذين يسرّبون آلاف الشباب العاطلين عبر البحر فرارا من الجوع والتعطل فإذا غرقوا أفتى العلماء الأجلاء بأنهم ليسوا شهداء لأنهم سافروا طلبا للمخدرات ؟تسريب للشباب ، وتسريب للصيادين ، وتسريب لمراكب الصيد ، وتسريب للمصانع الناجحة ، وتسريب لخيار المواقع والأراضي التي تباع للكبار بالملاليم ، وتسريب لقوانين السوء في جنح الليل ، وتسريب لأرواح أهالي الحدود برصاص اليهود ، وتسريب لأهل الكفاءة في مؤسسات التعليم ، وتسريب لأموال الطامعين في توظيف أموالهم ، زتسريب لفيروسات الكبد ، وتسريب للسرطان ليكون حقا لكل مواطن يستخدم دما مسرطنا ، وتسريب للدقيق من مخاز السوء ، و.... و......فيا أخي هوّن عليك ( ماجاتش على الثانوية !! ) واستغرقت في ضحك ظننت أن يشاركني فيه جلسائي فلم أسمع لهم ضحكا ، ولم أحس لهم أثرا ، فنظرت حولي وأنا مسترسل في ضحكي فإذا بي أفاجأ أن أبا الفرج وصحبه قد ( تسرّبوا ) من حولي وتركوني قائما أخطب في طواحين الهواء .. !!

قبسات من لسان بني همبكة

أشرت في مقال سابق إلى الطبعة الأولى التي صدرت حديثا من معجم ( لسان همبكستان) ونقلت شذرات منه للقراء الأعزاء ، ونظرا لعدم توفر ذلك المعجم في المكتبات العربية لأن مجمع البحوث أصدر قرارا بمصادرته ، فقد تلقيت عددا كبيرا من الرسائل الأليكترونية على بريدي تطلب الكشف في ذلك المعجم عن كلمات بعينها ، وسأخصص ثلاثة مقالات متتالية – فقط – للكشف لقرائي الأعزاء مجانا ، وبعدها سيكون الكشف في ذلك المعجم بالواسطة أو بدفع إتاوات ورشاوى للعاملين في المؤسسة العامة للكشف في المعجم التي تم إشهارها مؤخرا وهي تابعة للمجلس الأعلى للدامعات [ وهو غير المجلس الأعلى للجامعات ] فهو يضم كل ضحايا المجلس المشابه ممن يبكين على مستقبل أولادهن وممن يبكين أبناءهن المنتحرين .وهذه أولى حلقات الكشف المجاني عما وصل على البريد من استفسارات :1- تمغة : ليس للثلاثي ( تمغ ) أصل في لسان العرب ، ولكن في لسان همبكستان توجد كلمة بهذا البناء اللغوي ، تضاف لها تاء تأنيث ، لأن تأنيث كل شيئ هو أساس الحكم هناك ، حتى إنهم من كراهية " التذكير " والمذكر والذكورة ، اتخذوا وزراء غاية في النعومة والرقة ولهم على الشاشات طرق أنثوية غريبة في التعبير عن أفكارهم وطروحاتهم فهم يطوحون رؤوسهم ذات اليمين وذات الشمال تقليدا لمنى ، ويمررون أكفهم الرقيقة على وجناتهم من حين إلى حين أو على رؤوسهم تقليدا للميس ، وبلغ من ولعهم بتأنيث كل البلاد والعباد أن تركوا استعمال لفظ ( الشعب ) لأنه مذكر ، ويستخدمون بدلا منه لفظ ( الجماهير ) لإلفهم كلَّ ما هو مؤنث . والتمغة ختم تختم به الدوائر الحكومية في همبكستان معاملاتها ، أو طوابع تلصق على أوراقها الرسمية تؤول أثمانها إلى بيت المال لتُنفق – فيما بعد – على علاج الراقصات والراقصين خارج البلاد إذا أصيبوا بالزكام . قال ابن خلكان : " وأظن أهل همبكستان لجأوا إلى جعل ( التمغ ) بالتاء فرارا من جعلها بالدال ( دمغ – دمغة ) لأن دمغ في لسان العرب تدل على القهر كما قال صاحب المحيط في اللغة - (ج 1 / ص 404) الدَّمْغ: كَسْرُ هو :القَهْرُ. والأخْذُ من فَوْقٍ . وفي الصحاح (ج 1 / ص 213) : دَمَغَهُ دَمْغاً: شَجَّهُ حتَّى بلغت الشجّةُ الدِماغَ . وهو نفس تأثير التمغة على المواطن ففيها معنى القهر والأخذ من فوق وشج الرأس . قال ابن الفارض حين قدم طلبا للحصول على شقة في برنامج إسكان الشباب :
دفعنا لتسيير الأمور غرامَةً
سكِرْنَا بها من قبل أن يُخلق الكَرْمُ
لها (الدمغُ ) إسمٌ وهيَ ختم ٌ يُدِيرُهَ
هلالٌ ودرويشٌ وبطرسُ والبُكمُ
على نفسه فليَبْكِ مَن ضاع عُمْرُهُ
وليسَ لهُ فيها نَصيبٌ ولا سهمُ
والأدمغة جمع دماغ ، وهو رأس الرجل إذا كان عضوا في لجان التطوير إياها ، ويقول المراهقون في تلك البلاد : " فلان عامل دماغ " ويعنون بهذا أنه ينأى بنفسه عن الهزل العام السائد .2- روشنة :الروشن : عَلَى وَزْنِ كَوْثَرَ هُوَ مَا يَخْرُجُ مِنْ الْجِدَارِ مِنْ الْجُذُوعِ يُوَسَّعُ بِهِ الْمَنْزِلُ أَوْ يُجْعَلُ مَمَرًّا يُمَرُّ عَلَيْهِ وَأَصْلُهُ فَارِسِيٌّ . أما الروشنة فهي من لغة المراهقين يعنون بها الخروج على المألوف ، قال ابن بقة : والروشنة في لغة طسم وجديس هي الإفراط في تطوير الجامعات وتنمية القدرات وتسريع المشروعات ، وقال ابن بطوطة في رحلته الشهيرة : رأيت في الديار المصرية قوما يطورون جامعاتهم بنظام الروشنة ، فيقف أحدهم متلويا محنيا كالهلال وقد علت وجهه صُفرة الجوع والنهم إلى مشروع ، فيتلو على الأساتذة كلاما غامضا كالذي يتلى عند استحضار الجان وفتح البخت وصرف العفاريت ، وزعم الجبرتي أنه رأى دكتورا في بلاد النيل قضى نصف قرن في درجة مدرس ، وقد تكأكأ عليه عشرون بروفيسيرا يُنمُّون قدراته ليل نهار !! ، وهو مستسلم لهم ، تنظر في عينيه فتظنه بقية من قوم ثمود وأصحاب الأيكة ، ويرتدي بدلته الصيفية الوحيدة التي لا لون لها ، وإن زعم بعض المعمّرين أنه رآها وهي خضراء يوم حلف عبد الناصر أن يبني السد ، ثم رآها بنّية اللون يوم اتخذ السادات العلم والإيمان شعارا لعصره ، وقال بعضهم : رأيت صاحبنا يرتديها ليلة التعديل الدستوري وكان لونها : بمبي !! وبرغم ما أنفقته دول الاتحاد الأوروبي – ضمن مشروعاتها الكريمة – على تنمية قدرات هذا الثمودي العتيد والذي تجاوز تسعين ساعة معتمدة قبضها الأساتذة العشرون فإن عائد تنمية قدرات المدرس إياه لم تنمُ ولم تتطور ، وكل التغيير الذي تحقق عنده أن بنطلونه الذي كان به رقعتان فقط صار يضم خمس رقاع ، حوّلتها عمليات الصبغ المتوالية على مدى أربعين سنة إلى ما يشبه خطة الإصلاح الاقتصادي ، وفيه يقول ابن نباتة :
تطويرنا ... ما أحسنَهْ
على نظام الروشنة
نقلِّب ( العضوَ ) على
جنبيه ..حتى يتقنه !!
تنمية القدرات فيها
لذَّةٌ... و جدعنة..!!
ومن يذقْها يعترفْ
بأنها .. مقننة ..!! 3
- بكش : في القاموس المحيط (ج 2 / ص 127) : بَكَشَ عِقَالَ بَعِيرِهِ حَلَّه. ، فأصل البَكَش هو حل العقال ، أما في العامية الهمبكستانية فإن الكلمة تعني الاحتيال ، وادعاء تحسين أوضاع الموظفين ، والإعلان عن وظائف وهمية لا وجود لها إلا في البرامج الانتخابية ،وزعم الجوهري أنه سمع أعرابيا كان يعمل خبيرا في برامج تحسين التعليم ، والتعلم النشط ، والمدارس صديقة الفتيات ، والمدارس صديقة البيئة ، يقول وهو ممسك بالشيشة على مقهى [ المعايير القومية ] : " لا يستحق أن يعيش من لا يعرف التبكيش " ، وأحب البَكَش إلى قلب الحكومة ما كان لها فيه نصيب مثل زيرو تسعمية والمسابقات الهاتفية التي سادت البلاد المحمية في أزهى عصور المهلبية زمن الدولة المملوكية . ويقال ذهب المتنبي مرة إلى الجمارك ليفرج عن زلمكة استوردها من غينيا بيساو فقال له المأمور الجمركي كلاما خدش حياءه عن رشوة تدخل بها السيارة على أنها لرجل معوّق ثم يرخصها المتنبي باسمه فقال :
كم في الجمارك قد رأيت وحوشا
نهبوا الجيوب ونفضوا الطربوشا
مسحوا البلاط بأمة مقهورة
وبأمر بطرس أكثروا التفتيشا
لكنهم - عند الضرورة – غايةٌ
في اللطف ، حين تشخلل البقشيشا
فعلمت أن جماركي مخرومةٌ
وبأن تفتيشي غدا تبكيشا ..!!

لســـان همبكستان

عن مؤسسة دار المعالف في جمهورية همبكستان الشقيقة صدرت هذا الشهر الطبعة الأولى من أحدث معجم لغوي عربي معاصر ، أسماه مؤلفوه ( لسان همبكستان ) على غرار أشهر معجم عربي وهو ( لسان العرب ) ، وقد أتيح لي الاطلاع على هذه الطبعة خلال رحلتي الأخيرة ، فقد تكرم صديق كريم هناك بإهدائي نسخة مجانية ، ومنها أقتطف للقراء الباقة التالية ومن يرد نسخة كاملة من المعجم فعليه الدفع مقدما وثمن الكتاب قرش صاغ واحد .
ثَلَّثَ :
بفتح الثاءين يعني : قسّم الشيئ أثلاثا كالأضحية ، والثلث بضم الثاء الأولى جزء الشيئ ، ومنه ( المثلث ) وهو الرسم الهندسي – أو الجسم - ذو الأضلاع الثلاثة . أما ما كان يسمى ( المثلث العاكس ) فقد ابتدعته عقول تمرست بفنون الجباية أيام "أبو طولون " وكانوا يفرضون استعماله على كل دابة بثمن مبالغ فيه ، ويزعمون أن في استعماله وقايةً من حوادث السير ، ومن أمراض الصدر والبلغم ، ووجع القلب ، وكانوا يفرضون على صاحب كل دابة أن يشتريه من متعهد بعينة في وكالة تسمى " دوخيني يا لمونة " . وزعم بعض من لا خلاق لهم من العوام أن تركيبه على الدابة يزيد من قوة الباه .قال الأعشى :
فَرَضوا ( المثلثَ ) و(الحزامَ) ليجمعوا
مالَ الجميع ، ويشبعَ التُّجَّارُ
مرَّرْتمو عيشَ البلادِ ، وأنتمو
أصلُ البلادةَِ ، أيها الفُجَّارُ
طوَّر :
الطور بفتح الطاء : المرحلة أو الدرجة ، والطور بضم الطاء من نطق العامة الذين يخلطون بين التاء والطاء لاتحادهما في المخرج ، فيقولون : الطراب ..للتراب ، والطور للتور وهو الثور لكنهم أبدلوا الثاء تاءً ، وطوّر الوزير جامعاته أي رقاها وارتقى بها ، أو حاول أن يجعل من يعملون فيها أطوارا (جمع طور!! ) وطوّر الوزير مدارسه أي جعلها تعمل طورا بعد طور بحيث تصبح كل المدارس ثلاث فترات في اليوم ، لإنعاش الدروس الخصوصية ، ويقال إن بشار بن برد كان يعمل في برامج التطوير ليلا ، فجاءته امرأة جميلة نظيفة متطورة منتجة خضراء ، ممن عُرفن بالجودة والاعتماد ، وعمت سيرتها البلاد والعباد ، وقيل في بعض المراجع : إنها جاءت بشارا ليلاً تبتغي عنده التطوير ، فأبى وقال :
اخسئي يا مّرّة !!
واخرجي بربرة !!
إنني راجلٌ
أكره المسخرة !!
إن تطويرنا
كله فشخرة !!
النيلة :
نبات أسود - أو أزرق - اللون يستخدم في صبغ الملابس كان معروفا عند الفراعنة القدماء ، أما الفراعنة الجدد فإنهم يستخدمون اللفظ استخداما مجازيا ، فيقولون لمن يريد أن يدخل كلية الشرطة أو الحربية من أبناء الغلابة ( اتنيّل على عينك ) بمعنى : كُف عن أحلام اليقظة ، لأن الناس درجات عند ربهم ، وتنيّل الرجل : أي سمع من زوجته ما يُستَقبح ذكره ، فخرج من بيته هائما على وجهه حتى وصل طابور الخبز . والنيل : نهر شهير بأرض يقال لها مصر من بلاد أفريقية مما يلي جيبوتي ، عُرف أهلها بحبهم لهذا النهر حبا جمَّا حتى قال فيهم أبو الطيب المتنبي :مَنْ حَبَّ أرض النيل فهو مُنَيَّلٌويعيش طولَ العُمْرِ وهو يعانيويصف العامة قسوة الحياة فيقولون ( العيشة بقت نيلة ) : أي سوداء ، ويقصدون بهذا التعبير أنهم لا يجدون مفرا ولا مهربا من برنامج 90 دقيقة وبرنامج البيت بيتك ، ونال الرجل جائزته : أي تم تعيينه رئيسا لتحرير (تكية) قومية بعد ربع قرن من الرقص الشرقي المليح ، وفي هذا يقول أبو نواس :أبشر إذا ما كنت همّازا وارقص إذا ما كنت لمّازافغدًا ( تنال ) رئاسةً كبرىوتصير بين القوم ممتازاولنصير الدين الطوسي كتاب طريف اسمه ( القول الجلي في سيرة محمد علي ) راجعه الدكتور نصار بن عبد الله المصري السيوطي الشافعي وحلّل فيه مواقف من حياة محمد علي باشا في اليونان قبل ( نواله ) حكم الجمهورية المصرية وحصوله على الرضا السامي من السلطان العثمانلي .
تفانين :
الفنان هو الحمار في لسان العرب وليس الوزير كما هو في لسان أسافل الناس الذين يسيئون الظن بالرجل ، والفعل : افتنَّ ، وتفنَّن : أي اخترع أشكالا من النصب لم تكن تخطر على بال الشيطان نفسه ، كما فعل المغول بعد تدمير بغداد حين أجبروا كل طالب في الثانوية العامة أن يقتني خط محمول ليعرف نتيجته ويتقدم به للتنسيق ، وكما فعل الصليبيون بعد اجتياح الشام حين فرضوا معرفة نتيجة الثانوية من خلال الهواتف الأرضية المنزلية وحدها ، وليس من خلال وصلات الDSL وذلك التفنين – فيما يقول البلاذري وابن فلسان – مردُّه إلى شره هؤلاء إلى انتهاز كل فرصة لجمع أكبر قدر ممكن من قروش الجوعى والمرضى والهلكى والغرقى والهدمى من أهالي البلاد استغلالا لعواطف الأبوة فيهم للاطمئنان على أبنائهم .وفي هذا يقول الفرزدق :
لحاهمو الله صغار النفوسْ
تفنَّنوا في جمع شتى المكوسْ
مدارسٌ خابتْ ، فلم نستطع
إلا تعاطي ما يسمى ( الدروسْ)

سيبويه في ميدان طلعت حرب !!


كنت أشق طريقي بصعوبة في زحام وسط البلد متجها إلى شارع عبد العزيز ، حين استوقفني رجل وسيم حسن وجهه مضيئ محياه ، باسم ثغره
قائلا : أهلا ياابن رجب ..إلى أين المسير؟
تفرست في ملامح الرجل قليلا بين مصدق ومكذب إنه بعينه ، وأنفه ، وأذنيه ، وصوته : عمرو بن عثمان بن قنبر مولى بني الحارث بن كعب بن عمرو بن علة بن خالد بن مالك بن أدد ،الملقب بسيبويه ويكنى أبا بشر. [ وسيبويه بالفارسية : رائحة التفاح ]
- معقول؟ عم سيبويه ؟ كيف حالك يا أبا بشر ؟ وكيف جئت إلى هنا ؟ و... إلى أين المسير؟
- إلى شارع عبد العزيز ، وصلت أمس من البصرة ، وأقمت في " خان" يدعى (هيلتون ) وشد ما انزعجت من اسمه لأنه ينتهي بالواو والنون ولكني لم أره مذكورا عند شيخي الخليل بن أحمد ضمن الملحقات بجمع المذكر السالم .
- لا عليك . فإنه علََم أعجمي . وما تبغي من شارع عبد العزيز ؟
- جئت لأغير نغمات هاتفي المحمول ، فقد ضاق صدري بنغمة (والله زمان يا سلاحي ) فغيرتها بنغمة ( بلادي بلادي بلادي ) ففوجئت بابنتي " سوسو " تفزع منها كلما رن الهاتف ، فأنا أسعى في طلب نغمة ( باحبك يا حمار ) أو ( المصريين أهمه )
- ولكنك فارسي يا أبا بشر ؟ أليس كذلك ؟
- بلى يا أبا مختار ، ولكن هل غاب عنك قول المرقش الأوسط ( أحمد فؤاد نجم ): " إيران يامصر زينّا
وعندهم ماعندنـــا
تمسك ودانك من هناك
تمسك ودانك من هنا
الخالق الناطق هناك
الناطق الخالق هنا "
- وما الذي جاء بك إلى مصر يا أبا بشر ؟
- بالأمس سمعت كبير النظار الذي تسمونه " رئيس الوزراء " يقول – كما نشرت الصحف – " لن تسمح الحكومة لأحد بلوي دراعها " فأصابني هلع ، واحرنجمت أختبط تعاسيف اليربوع حتى اغسوسق المشق في غضابير الوشائر .
- ما شاء الله .. لهذه الدرجة غضبت ؟
- كنت قد ارتحت في قبري سنين عددا ، فجاء هذا الرجل فقلّب علي مواجع قديمة
- وما هي؟
- لقد سمعت رئيس وزراء سابقا يدعى عبد الرزاق عبد المجيد يقول تحت القبة أواخر السبعينيات أو أوائل الثمانينيات ( ورحمة أبويا الميزانية فيها فائض ) أو ( وشرف أبويا ) أو ( وحياة راس أبويا ) أو كما قال . وبعدها سمعت عاطف صدقي يقول ( إن الحكومة تسمع دبة النملة ) وبعدها سمعت عاطف عبيد يقول عن المتفحّمين في قطار تملكه حكومته ( القتلى ) ،وبعدها سمعت أبا الغيط يقول إنه ( هيكسر رجل اللي يعدي الحدود ) وبعدها سمعت ابن بطرس غالي يقول لموظفي الضرائب ( ما حدش هيقدر يلوي دراعي ) ، وهاهوذا رئيسه يكرره بحروفها ..... فبعت معجم العين و( الكتاب ) لرجل يبيع فيهما طعمية في شرق البصرة ، وجئت لأقيم هنا لأتعلم هذه اللغة المتحضرة ( ولا أقول " الحضرية " حتى لا أذهب وراء الشمس لإساءتي لّّّلاعب الفارّ : الحضري) !!
- ولم ذاك ؟ ألم تسمع قول المتنبي " الملافظ سعد !! "
- يا ابن رجب : الناس على دين حكوماتهم ، فيجب أن نترك لغتنا القديمة المتحجرة لنتكلم لغة أهل مصر المتحضرة ( من الحضري ) فهمت يا حمار ؟
- ماذا تقول يا أبا بشر ؟ هل تشتمني ؟
- معاذ الله يا أبا مختار ، كنت أقصد أن أقول لك : لعل المقصود بلغة ( باحبك يا حمار ) شيئ آخر غير الحمير التي نعرف .
عند هذا الحد من الحوار وصلنا إلى ما ظنناه شارع عبد العزيز ، فوجدنا باعة النغمات قد أغلقوا وغيروا أنشطتهم ، فلما سألنا عنهم قيل لنا إنكم تسيرون في شارع مكرم عبيد في مدينة نصر .!!! فعدنا أدراجنا نسأل عن شارع عبد العزيز يروحوا له منين من مدينة نصر .!!