عن مؤسسة دار المعالف في جمهورية همبكستان الشقيقة صدرت هذا الشهر الطبعة الأولى من أحدث معجم لغوي عربي معاصر ، أسماه مؤلفوه ( لسان همبكستان ) على غرار أشهر معجم عربي وهو ( لسان العرب ) ، وقد أتيح لي الاطلاع على هذه الطبعة خلال رحلتي الأخيرة ، فقد تكرم صديق كريم هناك بإهدائي نسخة مجانية ، ومنها أقتطف للقراء الباقة التالية ومن يرد نسخة كاملة من المعجم فعليه الدفع مقدما وثمن الكتاب قرش صاغ واحد .
ثَلَّثَ :
بفتح الثاءين يعني : قسّم الشيئ أثلاثا كالأضحية ، والثلث بضم الثاء الأولى جزء الشيئ ، ومنه ( المثلث ) وهو الرسم الهندسي – أو الجسم - ذو الأضلاع الثلاثة . أما ما كان يسمى ( المثلث العاكس ) فقد ابتدعته عقول تمرست بفنون الجباية أيام "أبو طولون " وكانوا يفرضون استعماله على كل دابة بثمن مبالغ فيه ، ويزعمون أن في استعماله وقايةً من حوادث السير ، ومن أمراض الصدر والبلغم ، ووجع القلب ، وكانوا يفرضون على صاحب كل دابة أن يشتريه من متعهد بعينة في وكالة تسمى " دوخيني يا لمونة " . وزعم بعض من لا خلاق لهم من العوام أن تركيبه على الدابة يزيد من قوة الباه .قال الأعشى :
فَرَضوا ( المثلثَ ) و(الحزامَ) ليجمعوا
مالَ الجميع ، ويشبعَ التُّجَّارُ
مرَّرْتمو عيشَ البلادِ ، وأنتمو
أصلُ البلادةَِ ، أيها الفُجَّارُ
طوَّر :
الطور بفتح الطاء : المرحلة أو الدرجة ، والطور بضم الطاء من نطق العامة الذين يخلطون بين التاء والطاء لاتحادهما في المخرج ، فيقولون : الطراب ..للتراب ، والطور للتور وهو الثور لكنهم أبدلوا الثاء تاءً ، وطوّر الوزير جامعاته أي رقاها وارتقى بها ، أو حاول أن يجعل من يعملون فيها أطوارا (جمع طور!! ) وطوّر الوزير مدارسه أي جعلها تعمل طورا بعد طور بحيث تصبح كل المدارس ثلاث فترات في اليوم ، لإنعاش الدروس الخصوصية ، ويقال إن بشار بن برد كان يعمل في برامج التطوير ليلا ، فجاءته امرأة جميلة نظيفة متطورة منتجة خضراء ، ممن عُرفن بالجودة والاعتماد ، وعمت سيرتها البلاد والعباد ، وقيل في بعض المراجع : إنها جاءت بشارا ليلاً تبتغي عنده التطوير ، فأبى وقال :
اخسئي يا مّرّة !!
واخرجي بربرة !!
إنني راجلٌ
أكره المسخرة !!
إن تطويرنا
كله فشخرة !!
النيلة :
نبات أسود - أو أزرق - اللون يستخدم في صبغ الملابس كان معروفا عند الفراعنة القدماء ، أما الفراعنة الجدد فإنهم يستخدمون اللفظ استخداما مجازيا ، فيقولون لمن يريد أن يدخل كلية الشرطة أو الحربية من أبناء الغلابة ( اتنيّل على عينك ) بمعنى : كُف عن أحلام اليقظة ، لأن الناس درجات عند ربهم ، وتنيّل الرجل : أي سمع من زوجته ما يُستَقبح ذكره ، فخرج من بيته هائما على وجهه حتى وصل طابور الخبز . والنيل : نهر شهير بأرض يقال لها مصر من بلاد أفريقية مما يلي جيبوتي ، عُرف أهلها بحبهم لهذا النهر حبا جمَّا حتى قال فيهم أبو الطيب المتنبي :مَنْ حَبَّ أرض النيل فهو مُنَيَّلٌويعيش طولَ العُمْرِ وهو يعانيويصف العامة قسوة الحياة فيقولون ( العيشة بقت نيلة ) : أي سوداء ، ويقصدون بهذا التعبير أنهم لا يجدون مفرا ولا مهربا من برنامج 90 دقيقة وبرنامج البيت بيتك ، ونال الرجل جائزته : أي تم تعيينه رئيسا لتحرير (تكية) قومية بعد ربع قرن من الرقص الشرقي المليح ، وفي هذا يقول أبو نواس :أبشر إذا ما كنت همّازا وارقص إذا ما كنت لمّازافغدًا ( تنال ) رئاسةً كبرىوتصير بين القوم ممتازاولنصير الدين الطوسي كتاب طريف اسمه ( القول الجلي في سيرة محمد علي ) راجعه الدكتور نصار بن عبد الله المصري السيوطي الشافعي وحلّل فيه مواقف من حياة محمد علي باشا في اليونان قبل ( نواله ) حكم الجمهورية المصرية وحصوله على الرضا السامي من السلطان العثمانلي .
تفانين :
الفنان هو الحمار في لسان العرب وليس الوزير كما هو في لسان أسافل الناس الذين يسيئون الظن بالرجل ، والفعل : افتنَّ ، وتفنَّن : أي اخترع أشكالا من النصب لم تكن تخطر على بال الشيطان نفسه ، كما فعل المغول بعد تدمير بغداد حين أجبروا كل طالب في الثانوية العامة أن يقتني خط محمول ليعرف نتيجته ويتقدم به للتنسيق ، وكما فعل الصليبيون بعد اجتياح الشام حين فرضوا معرفة نتيجة الثانوية من خلال الهواتف الأرضية المنزلية وحدها ، وليس من خلال وصلات الDSL وذلك التفنين – فيما يقول البلاذري وابن فلسان – مردُّه إلى شره هؤلاء إلى انتهاز كل فرصة لجمع أكبر قدر ممكن من قروش الجوعى والمرضى والهلكى والغرقى والهدمى من أهالي البلاد استغلالا لعواطف الأبوة فيهم للاطمئنان على أبنائهم .وفي هذا يقول الفرزدق :
لحاهمو الله صغار النفوسْ
تفنَّنوا في جمع شتى المكوسْ
مدارسٌ خابتْ ، فلم نستطع
إلا تعاطي ما يسمى ( الدروسْ)